مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي

يعتبر إعلان شركة إكسون موبيل الأخير لبدء إنتاج الليثيوم بحلول عام 2027 تحولًا كبيرًا في صناعة الطاقة. باعتبارها شركة نفط عملاقة ترتبط تقليديًا بالوقود الأحفوري، فإن هذا التحول إلى إنتاج الليثيوم يشير إلى اتجاه غير مألوف وقد يبدو  غير منطقي. 

تقوم شركات الطاقة التقليدية بالتنويع إلى موارد أكثر استدامة. فهل يمكن أن يصبح هذا اتجاهًا بين شركات النفط.

يعد الليثيوم عنصرًا حاسمًا في بطاريات السيارات الكهربائية والإلكترونيات المتقدمة، وهي صناعات تشهد نموًا هائلاً. ومع التوجه العالمي نحو كهربة السيارات وخفض استهلاك الوقود الأحفوري، والذي يقوده الساسة في الولايات المتحدة وأوروبا، فإن التحول الذي قامت به شركة إكسون يمثل توافقاً استراتيجياً مع اتجاهات الطاقة المستقبلية.

وتخطط إكسون للاستفادة من خبرتها في مجال الحفر والاستخراج، باستخدام أساليب النفط والغاز التقليدية للوصول إلى المياه المالحة الغنية بالليثيوم. ويستفيد هذا النهج من البنية التحتية وقاعدة المعرفة الحالية، مما يسمح بانتقال أكثر سلاسة إلى إنتاج الليثيوم. يعد هذا مثالًا رئيسيًا على تكييف الخبرات الحالية مع الأسواق الجديدة.

ويعكس هدف إكسون المتمثل في توفير الليثيوم لأكثر من مليون سيارة كهربائية سنويًا بحلول عام 2030 استجابة الشركة للطلب المتزايد على السيارات الكهربائية. ولا يقتصر الأمر على التنويع فحسب؛ يتعلق الأمر بالاستحواذ على جزء كبير من هذا السوق السريع النمو. 

وتؤكد قدرة الشركة على تطوير مصدر محلي للليثيوم في أركنساس أيضًا على أهمية توطين سلاسل التوريد في الصناعات الحيوية.

من وجهة نظر مالية ومقارنات الصناعة، هناك إنفاق رأسمالي يقدر بنحو 2 مليار دولار أمريكي، مما يجعل مشروع إكسون في مجال الليثيوم مشروعًا ماليًا كبيرًا. ولكن بالمقابل وبالنظر إلى الإيرادات المحتملة وفرصة أن تصبح مورّدًا رائدًا لليثيوم، فقد تكون هذه الخطوة مربحة للغاية. ومن الجدير بالذكر أن نظيرات إكسون الأوروبية، مثل BP وشركة شِل، تستثمران أيضًا في الكهرباء، وإن كانتا تركزان اكثر على محطات شحن السيارات الكهربائية وطاقة الرياح. 

يشير هذا إلى وجود اتجاه أوسع للصناعة نحو تبني حلول الطاقة النظيفة، ومن المثير للاهتمام أن شركة إكسون، قبل الاندماج مع شركة موبيل ، كانت رائدة في مجال تكنولوجيا بطاريات الليثيوم أيون القابلة لإعادة الشحن في السبعينيات، وهاهي تعود الآن إلى دخول هذه الساحة مجددًا . 

وتحاول الشركة تمييز نفسها من خلال التخصص في إمدادات الليثيوم فقط ، دون المغامرة في البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية. يمكن لهذا النهج المركّز أن يضع شركة إكسون كلاعب رئيسي في سوق الليثيوم، حيث لا تقوم بالتوريد الى بطاريات السيارات الكهربائية فحسب، بل أيضًا الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية وأنظمة تخزين الطاقة.

اتجاه إكسون موبيل لإنتاج الليثيوم يُعد علامة واضحة على الديناميكيات المتغيرة في صناعة الطاقة ، ويعكس التوافق الاستراتيجي مع احتياجات الطاقة المستقبلية والاعتراف بالإمكانات الهائلة في سوق السيارات الكهربائية.

#مقالات_ميدار

إكسون موبيل تعلن بدء إنتاج الليثيوم بحلول عام 2027 ..
ما يمثل تحولاً كبيراً في صناعة الطاقة باعتبارها شركة نفط ترتبط تقليدياً بالوقود الأحفوري.. التحول يشير إلى اتجاه غير مألوف وقد يبدو غير منطقي.. لماذا؟

مقال بقلم: حسين القمزي pic.twitter.com/dkbSGV4nZp

— Midar (@Midarnews) November 15, 2023